فنان الفقراء
أنشد المرحوم الحاج محمد الدمسيري فأبدع, وعزف على ربابه فأطرب وشغل بفنه جيلا كاملا من المحبين وعشاق الكلمة الصادقة الهادفة واللحن الأصيل ولم يكن من الغريب في شيء أن يكنى من طرف محبيه وزملائه بلقب >لعاليم< وهو لقب لا يطلق في مجال الفن الأمازيغي إلا على صاحب >الصنعة< المحكمة من الشعراء الذين يرسلون القول على سبيل الحكمة··· ولد سنة 1940 في قرية >تامسولت< إحدى قرى قبيلة >ينديمسيرن< ونشأ في هذه القرية وترعرع فأشبعته البيئة البدوية بروح عالية إلى معانقة كل شيء جميل وكغيره من صبية القرية كان يتردد على الكتاب لحفظ القرآن وكان لهذه المرحلة من طفولته صدى كبيرا في شعره ووقع رنان عكسه الكثير من أبياته فلقد أعجب الحاج محمد الدمسيري منذ صغره بإشعار الحاج بلعيد والحاج محمد موراك وبوبكر إنشاد وتطور هذا الإعجاب إلى رغبة قوية في تقليدهم والسير على خطاهم فاشترى لنفسه ربابا ولكن أباه الذي كان حلمه أن يرى ابنه ذات يوم فقيها ما كان ليوافق على رغبة ابنه فأخفى عنه ما مرة الرباب وحاول إقناعه بالتخلي عن الشعر ولكن طموح الدمسيري وعزمه لم تنله منه معارضة والده· فمضى يحمل ربابه وبرفقته بعض أصدقائه يطوفون في القرى المجاورة لهم ولم يكن خروجه من القرية إلا انطلاقة موفقة نحو عالم الشعر·
وفي بداية الستينات هاجر للعمل بالخارج رفقة بعض زملائه فقضى فترة من الوقت ينتقل بين سويسرا وألمانيا ورغم تلك الظروف فإنه لم يبق بعيدا عن الشعر بل يروح عن نفسه وعن العمال الآخرين بغناء قصائد شعرية تنسيهم آلام الغربة وتقربهم من أجواء بلدهم وتحملهم إلى المناخ الذي تنفسوا فيه وترعرعوا بعدها عاد إلى أرض الوطن وأبدع في مجال الكلمة حتى بلغ بالصياغة الفنية في الشعر الأمازيغي أعلى المستويات واستطاع أن يكون مدرسة قائمة الذات وأحتضن عددا من الأصوات أرشدها وعلمها ووجهها الاتجاه الصحيح لتخرج إلى الساحة الفنية·
الحاج محمد الدمسيري عبقرية فريدة شاعرا ومغنيا وملحنا، حرك الوجدان وأجج العواطف، الهب حماس الجماهير الشعبية الفقيرة التي ظل طوال حياته وفيا لقضاياها وهمومها بل واجه من أجلها الآفات واللأهوال .لقد ترك الفقيد مادة خام للدراسات الاجتماعية وغيرها حيث تناول جميع الأغراض الدينية والاجتماعية والوطنية والسياسية فهو ليس من النوع الذي اتخذ الأغنية وسيلة للترفيه فقط بل كان شاعرا ومبدعا وملحنا والأشرطة التي بين أيدينا اليوم والمحملة بروائعه لتعتبر كتبا ناطقة·
والآن وبعد كل هذا من يتذكر هذا الفنان ذكراه 16 لرحيله ؟ ألا يستحق أن تقام في ذكراه ندوة وطنية كبرى لدراسة أشعاره وألحانه ومسيرته الفنية· آلا تستحق ذكراه التفاتة من وزارة الثقافة لتنظيم ملتقى سنوي له؟ أين هو التكريم الذي يستحقه؟
أليست من الرداءة أن يتنكر البعض لمثل هذا الرجل الذي تمكن من أن يمنح للأغنية المغربية روحها الأصيلة وبساطتها والفتها ويفتح الطريق أمام الخطوات الغنائية·
والحق يقال فالمرحوم الحاج محمد الدمسيري عاش عمرا فنيا بصدق الفنان لم يقدم لنا إلا ما آمن به وشعر باطمئنان له· إن ما تركه الدمسيري بحاجة إلى دراسات ومؤلفات···
إلا أن الواجب يفرض على الأقل التذكير والاعتراف بالجميل لمن كانوا يشقون في سبيل إسعاد الآخرين ·
الرايس الحاج محمد الدمسيري |
أنشد المرحوم الحاج محمد الدمسيري فأبدع, وعزف على ربابه فأطرب وشغل بفنه جيلا كاملا من المحبين وعشاق الكلمة الصادقة الهادفة واللحن الأصيل ولم يكن من الغريب في شيء أن يكنى من طرف محبيه وزملائه بلقب >لعاليم< وهو لقب لا يطلق في مجال الفن الأمازيغي إلا على صاحب >الصنعة< المحكمة من الشعراء الذين يرسلون القول على سبيل الحكمة··· ولد سنة 1940 في قرية >تامسولت< إحدى قرى قبيلة >ينديمسيرن< ونشأ في هذه القرية وترعرع فأشبعته البيئة البدوية بروح عالية إلى معانقة كل شيء جميل وكغيره من صبية القرية كان يتردد على الكتاب لحفظ القرآن وكان لهذه المرحلة من طفولته صدى كبيرا في شعره ووقع رنان عكسه الكثير من أبياته فلقد أعجب الحاج محمد الدمسيري منذ صغره بإشعار الحاج بلعيد والحاج محمد موراك وبوبكر إنشاد وتطور هذا الإعجاب إلى رغبة قوية في تقليدهم والسير على خطاهم فاشترى لنفسه ربابا ولكن أباه الذي كان حلمه أن يرى ابنه ذات يوم فقيها ما كان ليوافق على رغبة ابنه فأخفى عنه ما مرة الرباب وحاول إقناعه بالتخلي عن الشعر ولكن طموح الدمسيري وعزمه لم تنله منه معارضة والده· فمضى يحمل ربابه وبرفقته بعض أصدقائه يطوفون في القرى المجاورة لهم ولم يكن خروجه من القرية إلا انطلاقة موفقة نحو عالم الشعر·
وفي بداية الستينات هاجر للعمل بالخارج رفقة بعض زملائه فقضى فترة من الوقت ينتقل بين سويسرا وألمانيا ورغم تلك الظروف فإنه لم يبق بعيدا عن الشعر بل يروح عن نفسه وعن العمال الآخرين بغناء قصائد شعرية تنسيهم آلام الغربة وتقربهم من أجواء بلدهم وتحملهم إلى المناخ الذي تنفسوا فيه وترعرعوا بعدها عاد إلى أرض الوطن وأبدع في مجال الكلمة حتى بلغ بالصياغة الفنية في الشعر الأمازيغي أعلى المستويات واستطاع أن يكون مدرسة قائمة الذات وأحتضن عددا من الأصوات أرشدها وعلمها ووجهها الاتجاه الصحيح لتخرج إلى الساحة الفنية·
الحاج محمد الدمسيري عبقرية فريدة شاعرا ومغنيا وملحنا، حرك الوجدان وأجج العواطف، الهب حماس الجماهير الشعبية الفقيرة التي ظل طوال حياته وفيا لقضاياها وهمومها بل واجه من أجلها الآفات واللأهوال .لقد ترك الفقيد مادة خام للدراسات الاجتماعية وغيرها حيث تناول جميع الأغراض الدينية والاجتماعية والوطنية والسياسية فهو ليس من النوع الذي اتخذ الأغنية وسيلة للترفيه فقط بل كان شاعرا ومبدعا وملحنا والأشرطة التي بين أيدينا اليوم والمحملة بروائعه لتعتبر كتبا ناطقة·
والآن وبعد كل هذا من يتذكر هذا الفنان ذكراه 16 لرحيله ؟ ألا يستحق أن تقام في ذكراه ندوة وطنية كبرى لدراسة أشعاره وألحانه ومسيرته الفنية· آلا تستحق ذكراه التفاتة من وزارة الثقافة لتنظيم ملتقى سنوي له؟ أين هو التكريم الذي يستحقه؟
أليست من الرداءة أن يتنكر البعض لمثل هذا الرجل الذي تمكن من أن يمنح للأغنية المغربية روحها الأصيلة وبساطتها والفتها ويفتح الطريق أمام الخطوات الغنائية·
والحق يقال فالمرحوم الحاج محمد الدمسيري عاش عمرا فنيا بصدق الفنان لم يقدم لنا إلا ما آمن به وشعر باطمئنان له· إن ما تركه الدمسيري بحاجة إلى دراسات ومؤلفات···
إلا أن الواجب يفرض على الأقل التذكير والاعتراف بالجميل لمن كانوا يشقون في سبيل إسعاد الآخرين ·
Aucun commentaire: